لم تعد عدن كما كانت، تلك المدينة التي أنجبت الرجال وصنعت القيم وبنت مجدها بالأخلاق والعمل والولاء. اليوم، نعيش زمناً مقلوباً، تتقدّم فيه الوجوه الخطأ إلى الصفوف الأولى، بينما أصحاب الكفاءة والشرف يُزاحون إلى الهامش. وصلنا إلى حالٍ نرى فيه اللصوص وأصحاب السوابق وعيال آخر الليل يتصدّرون المشهد العام في عدن، وكأنّ المدينة باتت بلا رجال ولا خبرة ولا سمعة ولا حسن سيرة.
الطريق الذي تمر به عدن اليوم طريق غير آمن ولا نافع، فقد تحوّلت المدينة إلى ساحةٍ مفتوحة أمام شِلّةٍ لا تحترم الوظيفة ولا الناس، قفزوا إلى المناصب وخدعوا البسطاء بشعاراتٍ زائفة.
الحياة باتت مؤلمة عندما ترى من لا مستقبل لهم ولا مؤهل ولا ضمير، يعيشون اليوم في نعيم الوظيفة والمكانة، يتباهون بالمظاهر والماركات والسيارات والمال الذي جمعوه بغير وجه حق، بينما أصحاب الكفاءة والنزاهة يعيشون التهميش والنسيان.
لقد سقطت الأخلاق يوم سقطت الإدارة، حين استولى عليها من لا أمانة له ولا ضمير. ما يحدث اليوم ليس مجرد خللٍ إداري، بل انهيار منظومة قيمية وأخلاقية تهدد ما تبقّى من نسيج هذه المدينة العريقة.
عدن اليوم بحاجة إلى صحوة ضمير، وإلى رجال يعيدون لها هيبتها وكرامتها، قبل أن تضيع تماماً بين أيدي الطارئين عليها.