ظلت حضرموت ردحاً طويلاً من الزمن وادعةً آمنةً مسالمةً بعيدةً عن الصراعات، كسب مواطنوها بأخلاقهم وصفاتهم الجميلة سمعة طيبة سواء داخل اليمن أو خارجها ونسب إليهم الكثير من الخير، يتضمن هذا الخير دورهم ومساهمتهم في نشر الإسلام خارج حضرموت في بلدان كثيرة أعجمية، ويتضمن أيضاً أمانتهم وصدقهم مع الآخرين في الأعمال والمعاملات، ولم تكن حضرموت يوماً في حالة صراع أو قتال مع أحد بل حتى ثأراتهم القبلية لم تأخذ طابعاً دموياً عنيفاً كالذي نراه في المحافظات والمناطق الأخرى.
كل هذا نجده في حضرموت إلى أن اكتشفت فيها منابعً وموارد للخير تنبئ عن ثروات معدنية ثمينة تكمن في باطن الأرض وأخرى مائية حية تكمن في باطن البحر، وليست هذه الثروات في جزء يسير من أراضيها وبحرها بل هي كامنة في إقليم حضرموت الكبير الذي يشمل الشرق اليمني كله، ومع هذه الإكتشافات سالت لعابات الطامعين أكانوا داخليين من اليمن أو من خارجها، فتسابقوا على الأرض الحضرمية لينال كلٌ منهم حظاً وافراً من هذه الخيرات وانهمكوا يدبرون الحيل ويخططون الخطط ويستميلون بعض أبنائها إلى صفهم ويعادون منهم بعضهم الآخر من الذين لا يرون فيهم مصلحة لهم، وللأسف الشديد وجد هؤلاء الطامعون أناساً من أبناء حضرموت توجوهم المناصب وألبسوهم الزعامات والوجاهات، ولم يكونو أهلاً لها، ليجعلوهم مطايا لتحقيق أغراضهم، وما أن تعارضت المصالح بين هؤلاء الطامعين إلا وأشعلوا الفتنة ودعوا الناس إلى الإقتتال بدلاً عن دعوتهم إلى السلم والوئام و التصالح، فصار الخطر يدق ناقوسه بقوة والشر يتطاير في حضرموت وحولها تطاير الشرر من النار وينتشر سريعاً كانتشار النار في الهشيم،.
والسؤال هو كيف يسمح الحضارمة بإيصال الأمور إلى هذا المنزلق والمآل الخطير؟!
أليس كلهم أدعياء زاعمون أنهم يحافظون على خيرات حضرموت؟ ومصالح مواطنيها؟
وكيف يزعمون هذا وهم يغلبون أهواءهم وأهواء الطامعين من غيرهم على حساب أبناء حضرموت وأهلها؟ وكيف لهم أن يحصلوا على خيرات حضرموت وهم يغلبون التعصب والهوى على الحكمة والسلام.
لقد كان بإمكانهم تدارك هذا الأمر وهكذا أمر، منذ زمن قبل هذه المؤشرات الخطيرة، ولكنهم تركوا الحبل على الغارب، وأوصلوا الأمور إلى هذا الحد.
فيا إخوة الهوية والدم تداركوا الأمر، لا زال بإمكانكم فعل الكثير من أجل حضرموت تصالحوا تحاوروا خذوا على أنفسكم عهوداً ألا يرفع أحدكم سلاحه ضد الآخر، وأن ينأى بنفسه عن أي تبعية لأي طرف من خارج حضرموت خذوا على أنفسكم هذين العهدين فإذا حققتموهما ستجدون أنفسكم قد جنبتم حضرموت الفتن وحققتم لأهلكم الخير.
نسأل الله السلامة لحضرموت وأهلها، ونسأله تعالى وأد الفتنة في حضرموت وفي سائر أنحاء اليمن.