الرجل الذي أخفاه الله بعنايته ولطفه من أعدائه وخصومه سنوات طويلة منذ ما بعد حرب صيف 94 الظالمة، بينما كان محكوماً بالإعدام وملاحَقاً، لم يكن متخفياً خائفاً كغيره، وإنما كان إخفاءً لطيفاً من الله، مسنوداً بالعناية والإحاطة الربانية. ظلّ يتنقّل في قرى الضالع ومناطق مختلفة من الجنوب قرابة عقدين من الزمن، وبينما اختار رفاقه العمل الجماهيري والسياسي العلني، اختار هو العمل العسكري السري، إعداد الكتائب العسكرية في الضالع من وقت مبكر بإمكانات محدودة، وكأن الله قد أخبره بذلك، أو أن رسولاً من السماء جاء إليه ليقول له: اهتمّ بالجانب العسكري وإعداد الكتائب والألوية، فسوف يأتي يوم تتهيأ فيه الظروف وتكون أنت وجنودك أمراً واقعاً في عدن. كان الله يعلم أن الجنوب يعيش تحت الاحتلال والظلم والاضطهاد المسنود بعنجهيّة القوة والاستعلاء والغرور، وأن التخلّص من هذا الاحتلال العسكري الغاشم لن يكون إلا بقوة مماثلة وتضحيات. فسارت الأمور وحدثت الأحداث، وتعدّدت أشكال الرفض والمقاومة في الجنوب بمختلف الوسائل منذ يوم الاحتلال الغشوم، حتى أنتجت العقلية السياسية والفكرية الجنوبية حراكاً سلمياً في شكل ثورة شعبية، لم تكن مجرد صدفة، بل حالة إلهام ربانية عظيمة، نقلت القضية الجنوبية من المحلية إلى العالمية. ورغم ما أحدثته من تصدعات في منظومة الحكم اليمني في البدء، ثم ما ألهمته من فعل ثوري يمني عظيم ضرب المنظومة السياسية والعصبوية والعسكرية للنظام في الصميم ومزّقها إلى أشلاء متناثرة، إلا أن المسألة لم تنتهِ هنا. إذ كان لا بد من حدث آخر يجعل القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي في قلبه ومن صنّاعه الكبار، ألا وهو اندلاع المقاومة الشعبية الجنوبية للتصدي لجحافل تحالف صالح–الحوثي في الجنوب. وبعد ثلاثة أشهر ونيف من الصولات والجولات التي قادها القائد الزبيدي وقواته في الضالع ومناطق مختلفة من الجنوب، جاء إعلان انتصار المقاومة في عدن ودحر القوات الغازية في منتصف يوليو 2015، ثم توالت الانتصارات في لحج وأبين والضالع، ثم تحرير قاعدة العند. كان الزبيدي متأهباً لذلك اليوم، لأنه كان على وعد مع الله في التوجّه إلى عدن، إذ لم يكن هناك أحد يمتلك القوة العسكرية المنظمة والقادرة على ضبط الأمن في عدن وتطبيع الأوضاع غيره، وذلك بعد فرار معسكرات صالح والإصلاح وجحافل الحوثي وانهيار المنظومة الأمنية الرسمية. وصل الزبيدي إلى عدن وتُهيّأت له كل الظروف، لأن الأمر مرتب من الله وليس من أي مكان آخر. فالتواصل مع التحالف ودولة الإمارات لم يكن مخططاً له مسبقاً، وإنما كان أموراً مرتّبة من مصدر النور والإلهام، يضاف إلى ذلك ذكاء الرجل الذي استطاع أن يعمل بسرية، مؤمناً وموقناً بأن إخفاء مصدر الخير والإلهام والحفاظ عليه هو السبيل الأمثل للوصول إلى الغاية العظيمة التي ينشدها كل الجنوبيين الأحرار والشرفاء. أؤكد لكم أنه رغم كل ما حدث في عدن خلال السنوات الماضية من أخطاء هنا وهناك، أو تناقضات في ظل قيادة الانتقالي، لم يكن ناتجاً عن فشل أو عن عمالة وارتباطات خارجية، وإنما مسألة مقدّرة أُديرت بعناية فائقة، كما لو كانت عملية جراحية معقدة وطويلة. كان متوقعاً أن يتضرر منها ناس كُثر ربما، لكنها كانت ضرورية للحفاظ على “المولود” حياً ليهبط من الله برحمة وسلام. وهذا ما ترونه اليوم أمامكم في حضرموت والمهرة وساحات الجنوب الأخرى، إنما هو الفصل الأخير من فصول الميلاد العظيم لدولة الجنوب العظيمة التي اختُطفت زهاء ثلاثة عقود ونيف، وفقد الناس من إرثها وقيمتها النبيلة كل شيء. إذن، هل نستطيع القول إن عيدروس الزبيدي اختاره الله ليكون قائداً من قادة ملاحم آخر الزمان لمهمة عظيمة تتمثل في تخليص شعبه من الاحتلال والظلم؟ وهل نستطيع القول إن عودة دولة الجنوب حرة مستقلة من علامات الساعة أو من أحداث آخر الزمان المهمة؟ ربما… المسألة لا تخلو من إلهامات، وربما وحياً من الله، لنصرة المظلومين والانتصار للحق والعدل في الأرض وإعادة إصلاحها. https://www.facebook.com/share/p/1CvtsNsvQQ/
علامات الساعة في الجنوب.. هل عيدروس الزبيدي اختاره الله ليكون من قادة ملاحم آخر الزمان؟
2025/12/07 - الساعة 09:18 مساءً