بعد عام من رحيله ، لازال الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح يشغل بال اليمنيين ، فمن هو علي عبدالله صالح الذي أثار الكثير من الجدل ؟
هو الرئيس السادس للجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) من العام 1978 وحتى العام 1990، وأصبح أول رئيس للجمهورية اليمنية بعد توحيد شطري اليمن (الجنوبي والشمالي).
تعد فترة حكمه أطول فترة حكم لرئيس في اليمن منذ العام 1978 حتى تنازل عن الحكم في 27 فبراير 2012، بعد ثورة 11 من فبراير 2011م[8]. يحمل رتبة المشير العسكرية، وهو صاحب ثاني أطول فترة حكم من بين الحكام العرب.[9].[10]
وصل علي إلى رأس السلطة في البلاد عقب مقتل الرئيس أحمد الغشمي بفترة قصيرة إذ تنحى عبد الكريم العرشي واستلم صالح رئاسة البلاد في فترة صعبة [11] تم وصف نظامهبأنه الديموقراطية[12][13] وتذيلت البلاد قائمة منظمة الشفافية الدولية المعنية بالفساد[14][15]
قامت احتجاجات ضد حكمه عام 2011 (ثورة الشباب اليمنية) وسلم صالح السلطة بعد سنة كاملة من الاحتجاجات بموجب "المبادرة الخليجية" الموقعة بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك والتي أقرت ضمن بنودها تسليم صالح للسلطة بعد إجراء انتخابات عامة كما أقرت لصالح حصانة من الملاحقة القانونية وتم إقرار قانون الحصانة فيمجلس النواب اليمني واعتباره قانونا سياديا لا يجوز الطعن فيه [16] تولى نائبه عبد ربه منصور هادي رئاسة المرحلة الانتقالية.
حياته المبكرة
صالح مراهقاً
ولد علي عبد الله صالح في 21 مارس 1947[1] في قرية بيت الأحمر بسنحان خارج صنعاء لعائلة فقيرة من قبيلة سنحان وفقد علي والده مبكراً وتربى على يد زوج والدته في تلك القرية التابعة لقبيلة سنحان.[17] كانت أسرته تعمل بالزراعة وهو نفسه كان يرعى الغنم وتنقلت أسرته بين القرى أيام الجفاف بحثا عن المرعى. التحق بـ"معلامة" القرية في سنه العاشرة وهو تعليم يقتصر على حفظ القرآن وتعلم الكتابة والتحق بصفوف الجيش الإمامي في سن السادسة عشرة.[17] قبل إلتحاقه بالجيش، غادر صالح إلى مديرية قعطبة في محافظة إب حيث يتواجد أخاه الأكبر وأراد الانضمام للجيش وهو في سن الثانية عشرة.[18] التحق بالجيش الإمامي إلا أنه رُفض لصغر سنه ولكن وساطة قبلية حسب ما يروي صالح بنفسه مكنته من الالتحاق بالجيش ومن ثم لمدرسة الضباط عام 1960 وهو في الثامنة عشرة من عمره.[18]
مع قيام ثورة 26 سبتمبر التحق علي عبد الله صالح هو وباقي أفراد قريته إلى القوات الجمهورية وكان صالح سائق مدرعة وكُلف بحماية مواقع للجيش الجمهوري في صنعاء.[19]ورقي إلى مرتبة ملازم ثان عام 1963 شارك في الدفاع عن صنعاء بصف الجمهوريين أيام حصار السبعين.[20]، تدرج صالح في حياته العسكرية، حيث التحق بمدرسة المدرعات في 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولى بعدها مهمات قيادية في مجال القتال بالمدرعات كقائد فصيلة دروع ثم ككقائد سرية دروع وترفع إلى أركان حرب كتيبة دروع ثم قائد تسليح المدرعات تلاها كقائد كتيبة مدرعات إلى أن وصل إلى قائد للواء تعز عام 1975 ذلك وفقا لسيرته الذاتية.[21].
الطريق إلى السلطة
تدرج علي عبد الله صالح في رتب الجيش الجمهوري وبرز نجمه عقب الانقلاب الأبيض الذي قام به الرئيس إبراهيم الحمدي لينهي حكم الرئيس عبد الرحمن الأرياني.[22] تم تعيين علي عبد الله صالح قائدا للواء تعز برتبة رائد.[23] بدأت حكومة الحمدي ببطء ولكن بخطىً ثابتة، بناء مؤسسات وتنفيذ برامج إنمائية على المستوى المحلي والخارجي.[24] وكوّن حكومة من التكنوقراط. لم تكن كل الشرائح المجتمعية سعيدة بتوجهات الحمدي ومحاولته تغييب البنى التقليدية السائدة والالتزام بالمبادئ التي قامت من أجلها ثورة 26 سبتمبر فتم اغتياله في ظروف غامضة لم يُبت فيها.
تولى أحمد الغشمي رئاسة الجمهورية عقب اغتيال الحمدي ولم تمض ثمانية شهور حتى اغتيل الرئيس الجديد بحقيبة مفخخة لا يُعرف مصدرها على وجه التحديد إلا أن تكهنات تشير بضلوع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الحادث انتقاماً لإبراهيم الحمدي.[25] بعد مقتل الغشمي تولى عبد الكريم العرشي رئاسة الجمهورية مؤقتا،أصبح علي عبد الله صالح عضو مجلس الرئاسة رئيسا للجمهورية العربية اليمنية بعد أن انتخبه مجلس الرئاسة بالإجماع ليكون الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية في 17 يوليو 1978.[26] برتبةمقدم.
رئاسته
أول قرار اتخذه في 10 أغسطس 1978 كان إعدام ثلاثين شخصا متهمين بالانقلاب على حكمه [27] تمت ترقيته إلى عقيد عام 1979 وقام بتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام ولا يزال يرأسه عقب تنحيه من رئاسة الجمهورية [28] أضعف سقوط الإتحاد السوفييتي موقف جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية فأتفق علي سالم البيض مع علي عبد الله صالح بعد سنوات من المفاوضات على الاتحاد واعتبار علي عبد الله صالح رئيساً للجمهورية اليمنية وعلي سالم البيض نائباً للرئيس.
في عام 1990، عارض علي عبد الله صالح جلب قوات أجنبية لتحرير الكويت [29] ومرد معارضته هو خشيته أن تعرقل السعودية مسار الوحدة اليمنية فقد اعتقد صالح أن حليفاكصدام حسين سيمكنه من خلق توازن في العلاقات اليمنية السعودية ولم تكن نية صالح موجهة ضد الكويت فهو عارض الغزو العراقي ولكنه لم يوافق على جلب قوات أجنبية في نفس الوقت ولطالما كانت السعودية معارضة لوحدة اليمن بمختلف الأساليب والوسائل [30][31][32] وعدم انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي مرده حساسية السعودية من النظام الجمهوري في اليمن [33]
كانت هناك مباحثات بشأن الوحدة من 1979 وكلها فشلت فقد أثرت السعودية على قرارات شمال اليمن حينها بشأن الوحدة في كل جلسات المفاوضات [33] وكان عبد الله بن حسين الأحمر من أبرز المعارضين للوحدة [34] في 21 مايو 1990 أجمع مجلس الشورى على ترقية صالح إلى رتبة فريق، ورقي إلى رتبة مشير في 24 ديسمبر 1997 بعد إجماع مجلس النواب على ذلك.
عقب الوحدة اليمنية عام 1990، توترت العلاقات بين السعودية واليمن لإن معاهدة الطائف التي وقعت عام 1934 نصت على ضم عسير وجيزان ونجران للسعودية حتى العام1992[35] اتهمت حكومة علي عبد الله صالح "جهات أجنبية" عام 1992 و1993 بتدبير إغتيالات لمئات من السياسيين اليمنيين [36] ردا على ذلك قامت السعودية ببناء قاعدة عسكرية في عسير وبدأت مشروعا بثلاثة بلايين دولار لتسوير الحدود وضخ الاستثمارات في جيزان[36] ثم حاولوا عزل الحكومة اليمنية، كان اليمن قد وقع إتفاقا حدوديا مع سلطنة عمان فقامت السعودية بإثارة خلافها القديم مع السلطنة ضعطا على مسقط لإلغاء الإتفاقية مع صنعاء[37] وقع علي عبد الله صالح على معاهدة عام 2000 ورسمت الحدود "رسميا" بموجبها.
عمل علي عبد الله صالح على إضعاف القيادات الجنوبية وتهميشها بحيث لا يكون للحزب الاشتراكي تأثير على البنية السياسية اليمنية وهو السبب الذي دفع الشطر الشمالي للبلاد بدعم من السعودية لنقض الاتفاقيات في عام 1972،1973،1979 و1980 ولم تنجح الوحدة في دمج المؤسسات وصياغة دستور موحد وسياسات علي عبد الله صالح المحسوبية ساهمت في تفاقم الخلافات ودخلت البلاد حرباً أهلية وزاد من صعوبة الوضع سياسة اقتطاع الأراضي لمسؤولين ونخب قبلية من المحافظات الشمالية عقب الحرب [38] كان قرار الوحدة فردياً من علي سالم البيض وينتمي البيض إلى محافظة حضرموت التي لم يكن لأبنائها أي نفوذ أو مراكز قوى تذكر في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وكان يخشى إزالته من أبناء لحج والضالع وأبين (محافظة عبد ربه منصور هادي) فرأى في الوحدة وسيلة للبقاء [39] ولكن سرعان مانشبت الخلافات بينه وبين علي عبد الله صالح والخلاف الأكبر كان على طريقة إدارة صالح للبلاد.
في يوليو 2005 أعلن علي عبد الله صالح أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى وأعاد نفس الخطاب أكثر من مرة. ولكن في مقابلة مع بي بي سي في 24 يونيو 2006 أعلن أنه سيرشح نفسه للانتخابات في شهر سبتمبر لإنها إرادة الشعب على حد تعبيره [40] ورأى المراقبون أنها حركة لإظهار دعمه للديمقراطية أمام مؤسسة تحدي الألفية والبنك الدولي الذي أوقفا دعم اليمن بسبب تهم بالفساد والمحسوبية وإنشاء ديمقراطية زائفة [41] نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تقريراً يُظهر تيقن الأميركيين أنه المسؤول عن فرار ثلاثة وعشرين مشتبه بالإرهاب من سجن الأمن المركزي في صنعاء في فبراير بعد عدة أسابيع من زيارة صالح لواشنطن وإبلاغ كونداليزا رايس والبنك الدولي صالح أن واشنطن لن تعتبره مرشحا شرعيا للانتخابات في 2006 وإبلاغه أن اليمن لم يعد مصدر قلق للولايات المتحدة بشأن الإرهاب [41] صُنفت اليمن من أكثر دول العالم فساداً في كل تقارير منظمة الشفافية الدوليةلعدة عقود متواصلة [42] ومرد ذلك تفضيل نخب قبلية وربطهم به شخصيا في شبكة محسوبية واسعة فانقسمت البلاد إلى أربع مجموعات نخبوية. نخب القبائل والتي لها نصيب الأسد في القطاعات العسكرية، ومن ثم رجال الأعمال ووجهاء المناطق والنخبة المتعلمة والإثنان الآخيرتين أقل تأثيرا من النخب القبلية وترك كثير من رجال الأعمال البلاد لاختلاف نظرتهم مع صالح [42] اليمن من أكثر بلدان العالم فساداً سياسياً وإقتصادياً الموارد ليست مستغلة ونسبة من يعيشون تحت خط الفقر تقترب من النصف خلال فترة حكمه فالبلاد كانت على حافة الانهيار من عام 2007[43]
قام صالح بتعيين أقاربه في مناصب عسكرية متعددة لضمان ولاء المؤسسة، في المقابل يكافئهم علي عبد الله صالح بعمولات مثل السماح لهم بمد آياديهم إلى احتياطيات الحكومة من النقد الأجنبي وتهريب الممنوعات إلى السوق السوداء، أقارب آخرين تولوا مناصب وزارية متعلقة بالتخطيط والعقارات والتأمين وآخرون استولوا على مشاريع عامة مثل شركة النفط الوطنية وخطوط الطيران، وكافأ آخرين عن طريق منحهم احتكاراً لتجارة التبغ وبناء الفنادق .
كان تأثير المؤسسة العسكرية واضح في إيصال صالح إلى السلطة حيث تم اختياره في مقر القيادة العامة للجيش قبل ترشيحه وانتخابه ، جاء الرئيس إلى السلطة على أساس خلفيته العسكرية نصر طه مصطفى ، علي عبد الله صالح التجربة وآفاق المستقبل ، ص 15</ref> في بداية حكمه كانت بعض قطاعات الجيش لا تدين له بالولاء حيث كانت الاتجاهات الفكرية والقومية واليسارية قد تغلغلت في أوساط الوحدات العسكرية ، فيما كان الكثير من الضباط والجنود يدينون بالولاء للرئيس السابق إبراهيم الحمدي ، بعد أقل من ثلاثة أشهر من توليه السلطة ، تورطت بعض الوحدات العسكرية في ترتيب انقلاب عسكري ناصري في 1978 ، ولكنه فشل سريعاً لعدم فاعليتها في المواجهة المسلحة واتخذ قرار في 10 أغسطس 1978 بإعدام ثلاثين شخصا متهمين بالانقلاب [27]
أعتمد صالح في بداية حكمه على عدد من الوحدات العسكرية التي يقودها أقرباؤه وفي المقدمة منها الفرقة الأولى مدرع والتي ظلت حتى 2012 تحت قيادة علي محسن الأحمر ، أحد أهم العسكريين والذي تولى احباط الانقلاب الناصري ، إلا أنه بعد ذلك اتجه لبناء وحدة عسكرية أخرى هي قوات الحرس الجمهوري بقيادة الرائد (لواء في ما بعد) علي صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق لصالح ، وكانت مهمة الحرس تأمين دار الرئاسة وتنقلات الرئيس ، وجرى توسيع وتطوير تلك القوات حتى أصبحت جيشاً قائماً بذاته لتشمل كافة مناطقاليمن وأنشئت وحدات جديدة تابعة لها أطلق عليها الحرس الخاص والقوات الخاصة (التي حظيت بدعم أميركي مباشر وقوي) ، وجمعت كلها تحت قيادة واحدة أسندها صالح مؤخراً إلى نجله أحمد بعد عزل علي صالح الأحمر من قيادتها .[44]
وتم إنشاء وحدات عسكرية جديدة أهمها: اللواء الثامن صاعقة، الدفاع الجوي، الدفاع الساحلي، واتسعت ألوية المشاة وتسلم قيادة معظمها أقرباء وأبناء قبيلته وصار الرأس القائد لأهم تلك التكوينات على النحو التالي:
الفرقة الأولى مدرع، علي محسن الأحمر، من قبيلة وقرية الرئيس السابق صالح [45].
القوات الجوية، الرائد (لواء في ما بعد) محمد صالح الأحمر، أخ غير شقيق للرئيس السابق صالح.
الدفاع الجوي، محمد علي محسن الأحمر من قرية الرئيس السابق صالح.
اللواء الثالث مشاة مدعم بقيادة الرائد عبد الله القاضي، من قبيلة صالح.
اللواء 130 مشاة مدعم، بقيادة الرائد عبد الله فرج من قبيلة صالح.
معسكر خالد، وفيه اللواء الثاني مدرع (33 مدرع حالياً) بقيادة الرائد أحمد أحمد علي فرج ثم الرائد صالح علي أحمد الظنين، والاثنين من قبيلة صالح.
اللواء الثامن صاعقة، بقيادة الرائد محمد إسماعيل، من قبيلة صالح.
اللواء 56 المقدم، بقيادة أحمد إسماعيل أبو حورية من قبيلة صالح.
اللواء 1 مشاة جبلي، بقيادة الرائد مهدي مقولة، من قبيلة صالح، ثم تولى أركان حرب الشرطة العسكرية ثم قيادةالحرس الخاص .
قوات الأمن المركزي اليمني، وهي قوة ضاربة تتشكل من أكثر من عشرة ألوية تتمتع باستقلالية عن وزارة الداخلية ، تسلم قيادتها المقدم محمد عبد الله صالح الشقيق الأكبر للرئيس ، وورثه ابنه العقيد يحيى الذي شغل منصب أركان حرب الأمن المركزي حتى 2012، حيث تمتع بنفوذ حقيقي يفوق بكثير نفوذ قائد الأمن المركزي سابقاً العميد عبد الملك الطيب .
وأخيرا تشكل الأمن القومي اليمني وهو أمن مخابرات يتبع رئييس الجمهورية يملك مراكز احتجاز خاصة به غير مُعلنة وخارجه عن إطار القانون اليمني [46] وكان يقوده وكيل الجهاز عمار محمد عبد الله صالح ابن أخ الرئيس السابق صالح، حيث تمتع بنفوذ حقيقي أكثر من رئيس الجهاز علي محمد الآنسي.[47]
بدأ الجيش في الشمال يشهد مرحلة بناء جديدة تحت قيادة واحدة تدين بالولاء المطلق للرئيس صالح لأن معظمها من أقاربه وأبناء منطقته أو غير مسيسين [48] ، مستفيدا من حالة الاستقرار الكبيرة نسبيا في فترة الثمانينيات، وتلاشي الأخطار الداخلية. حول صالح الجيش من مؤسسة وطنية إلى ما يشبه الإقطاع العائلي، أداره الرئيس السابق عبر شبكة من العلاقات الشخصية والمحسوبية القائمة على الولاء العصبي العائلي والقبلي وتبادل المنافع. وكان الالتحاق بالجيش وكلياته العسكرية امتيازًا تحظى قبيلة صالح والقبائل الموالية لها بالنصيب الأكبر منه. حكم علي عبد الله صالح بالاعتماد على تحالفات قبلية وربط زعماء القبائل اليمنية به شخصيا [14][15] الترقيات والرتب العسكرية تمنح خارج معايير الأقدمية والتراتبية العسكرية، وأحيانًا كهبات بغرض المراضاة وكسب الولاءات، ويتم التعيين في المناصب القيادية على أساس الولاء وليس الكفاءة. وبعد حرب صيف 1994، مارس النظام السابق سلسة من الإجراءات والسياسات زادت من هشاشته المؤسسية، كان أهمها استبعاد الآلاف من الجنود والضباط المنتمين للمحافظات الجنوبية وإحالة العديد منهم إلى التقاعد الإجباري، ومنح من تبقي منهم مناصب إدارية أو استشارية ثانوية.[49] وفي خطوة لاحقة، اتجه صالح لتسليم المناصب الحساسة في المؤسسة العسكرية والأمنية لجيل الشباب من أسرته تمهيدًا لمشروع التوريث، وكان ذلك بمثابة التصدع الرئيسي في نظام صالح؛ إذ أثار قراره حفيظة حلفائه القدامى من ذات القبيلة، وخلق انقسامًا غير معلن داخل الجيش، جاءت الثورة لتظهره وتخرجه للعلن.
أحكم صالح قبضته على الدولة كاملة والجيش خاصة بعد نجاحه في هزيمة حركة الانفصال، وظلت القيادة الفعلية في أيدي رجال منطقته. لكن "قانون الصعود والهبوط" بدأ يفرض حكمه على دولة صالح، وبدأ مشروع توريث الحكم لابنهأحمد يفرض أجندة أخرى ستنعكس مستقبلا سلبا على وحدة القيادة والجيش، وحتمت فكرة التوريث [50][51]
وبدأت محاولات إخلاء الساحة من الشخصيات العسكرية القوية بكل الوسائل ومحاولات تصفيتها بعض الأوقات كما حدث في نزاع صعدة مع قائد الفرقة الأولى مدرع [52] أو على الأقل إضعافها وأدخالها في حروب ومعارك والبلد في غنى عنها لتجفيف مصادر قوتها ، وتفكيك أجزاء مؤسساتها العسكرية تدريجيا لمصلحة قوات الحرس الجمهوري التي سلمها صالح لابنه [53]، واعتمدت دون إعلان رسمي الجيش الحقيقي للبلاد، وسخرت لها الإمكانيات المالية الضخمة، وصفقات تسليح المتقدمة، وحظيت بالنصيب الأوفر من الدعم الدولي فنيا وتدريبا وخبرات .
مقتله :
قال المتحدث باسم الحوثي محمد عبد السلام إن جماعته رصدت رسائل بين الإمارات العربية المتحدة وصالح قبل ثلاثة أشهر من وفاته. وقال لقناة الجزيرة إن هناك اتصالات بين صالح والإمارات العربية المتحدة وعدد من الدول الأخرى مثل روسيا والأردن من خلال رسائل مشفرة.[177] إنهار التحالف بين صالح والحوثي في أواخر عام 2017 ،[178] مع وقوع اشتباكات مسلحة بين الطرفين في صنعاء في 28 نوفمبر.[179] أعلن صالح الانشقاق عن الحوثي في بيان متلفز في 2 ديسمبر، داعيا أنصاره لاستعادة البلاد[180] وأعرب عن الانفتاح على الحوار مع التحالف الذي تقوده السعودية.[178]
في 16 ربيع الأول 1439 هـ الموافق 4 ديسمبر 2017 قام الحوثيون بنشر مقطع فيديو لمجموعة من المقاتلين مع جثة صالح وبها طلقة نافذة في الرأس.[181] تضاربت الأنباء عن مكان وطريقة مقتله، فنجله أحمد وسكان محليون قالوا أن مجموعة من المقاتلين الحوثيين هاجموا منزل والده وقتلوه في منزله حيث قاتل الحوثيين حتى قتل، وفجر المقاتلون المنزل.[181] [182] وصرحت وسائل الإعلام الإيرانية أنه قُتل في طريقه إلى مدينة مأرب، أثناء محاولته الفرار إلى الأراضي التي تسيطر عليها السعودية بعد أن قصفت قذيفة صاروخية سيارته وعطلت سيارته في كمين وأصيب بعد ذلك برصاصه في رأسه من قبل قناص حوثي ،وهو ما نفاه حزبه.[183][184] كما أسفر ذلك الهجوم عن مقتل أمين عامحزب المؤتمر الشعبي العام ياسر العوضي.[185] وأفادت وكالة الأناضول نقلاً عن قيادي بحزب صالح، أن الحوثيين أعدموا "صالح" رميا بالرصاص إثر توقيف موكبه قرب صنعاء بينما كان في طريقه إلى مسقط رأسه في مديرية سنحانجنوب العاصمة.[186] وفي رواية أخرى للحادثة أورد الأمين العام لحزب المستقبل إسماعيل الجلعي في مقابلة تلفزيونية مع قناة الميادين وهو من الوسطاء الذين قابلوا صالح ليلة مقتله أن علي عبد الله صالح قتل في منزله بعد أن قاتل حتى الموت[187]
في الوقت نفسه ، احتفل زعيم الحوثي عبد الملك الحوثي بخبر وفاته ووصفه بأنه "يوم سقوط المؤامرة الخائنة". كما ذكر أنه "لا توجد مشكلة" بين مجموعته والمؤتمر الشعبي العام أو أعضاؤه. قدم عبد ربه منصور هادي تعازيه لوفاته ودعا إلى انتفاضة ضد الحوثيين.[188] بينما اتهم الحوثيون الإمارات العربية المتحدة بسحب صالح إلى "هذا المصير المهين".[189]
في 9 ديسمبر 2017 دفن جثمان صالح في صنعاء، وفقا لأحد المسؤولين.[190] وفقا لأحد قادة الحوثيين ، دُفن صالح في ظروف صارمة بحضور عدد من المشيعين لا يزيد عن 20 شخص
- رئيسة الائتلاف الوطني للنساء المستقلات تطلق حملة مناصرة من بروكسل لإطلاق سراح المعتقلين في السجون الحوثية
- من ساحات النضال إلى قاعات السفارات… حين تُختزل القضايا في تذاكر سفر
- بتمويل كويتي.. جمعية الحكمة تواصل تنفيذ مشروع الحملات الطبية المتنقلة في عدن
- بين المحاصصة والتمثيل الواقعي… من يملك الأرض يفرض المعادلة