جاء في رسالة عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص والي مصر بعد إن فشا ماله _ أي إزداد وظهر _وفيها أمره بمشاطرة ماله *(إنكم أيها الأمراء جلستم على عيون المال، ثم لم يعوزكم عذر، تجمعون لأبنائكم، وتمهدون لأنفسكم، أما أنكم تجمعون العار وتورثون النار* )
هكذا كان عمر يعامل ولاته وعماله المشهود لهم بالصلاح والأسبقيةفي الإسلام ويحاسبهم، وما ذاك! إلا أنه يحب أن يكونوا مثلاً رفيعاً في النقاء والبعد عن الشبهات، وحتى يكونوا موضع ثقة رعيتهم، فهو يحاسبهم حرصاً عليهم ورغبةً منه في قبول رعيتهم لهم وطاعتهم وإحترامهم، فهل ياترى؟؟
في زماننا هذاولاة ووزراء ونواب وقادة وقضاة ووكلاء ومدراء أصابوا نقاء ولو يسيرا من نقاء عمروبن العاص وابتعدوا عن الشبهات وبخاصة في اليمن بلادنا هذه فصاروا موضع ثقة رعيتهم، كلا، وهل بإمكان هؤلاء السيطرة على رعيتهم وسياستهم وإدارتهم بالحلم، والعقل، والأنأة، والحزم، لا بالعشوائية والقمع والبلطجة،؟
لا أحسب أن أحداً منهم كذلك والله أعلى وأعلم
من أين لك هذا؟ سؤال تردد كثيرا وبقوة في كثير من الدول والبلدان بل كان موضوعا لقوانين صدرت في هذه البلدان يواجه بهذه القوانين ويحاسب المسؤولين الحكوميين والنيابيين من وزراء ونواب ومدراء عموم وغيرهم من الموظفين العموميين، وكانت هذه القوانين تهدف إلى ضمان نزاهة الأشخاص الذين يشغلون مناصب حكومية وعامة، ومنعهم من إستغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة، وكانت هذه القوانين تفرض على هؤلاء تقديم إقرارات مالية عند إستلام مناصبهم، تتضمن معلومات عن مصادر دخلهم وعن مايمتلكون من أموال عقارية ومنقولة وعادة ما يتم فحص هذه الإقرارات وتدقيقها لضمان ان هذه الأموال تم إكتسابها بطريقة مشروعة، وإذا ما تأكدت مشروعيتها فإن المسؤول او الموظف يقع تحت مراقبة مستمرة لمعرفة ما طرأ على هذه الأموال من زيادات فإذا كانت هذه الزيادات والطفرات لاتتناسب مع مصادر الدخل المشروعة ومع راتبه الوظيفي كان هذا الموظف المسؤول محل تهمة،_ياترى هل يسلم أحد من مسؤولينا وموظفينا من الشبهات والتهم _هؤلاء الثلة من من المسؤولين في بلادنا فضحتهم الإمتيازات الكبيرة التي يحصلون عليها بسبب وظيفتهم والمظاهر المترفة التي يبرزون بها أمام شعبهم، والفوارق الكبيرة بينهم وبين غيرهم من عامة الموظفين ومن أفراد الشعب الآخرين، وفي ترتيب وسائل الراحة والترف لأنفسهم، وعدم إحساسهم بما يعانيه الناس من غلاء في الأسعار، وتدهورفي العملة، والخدمات وتركهم ومعاناتهم گأنهم من عرق سامي والشعب من عرق آخر، هذا على الرغم من أن كل ماحصلواعليه وما أخذوه بغير وجه حق وماهم فيه من ملذات وترف حصلوا عليه باسم الشعب، وكما قال أحدهم قريبا منهم منتميا لأحد الأحزاب، نحن وأن زعمنا إننا على حق وإستقامة وصلاح، إلا ان العمارات والفلل والسيارات الفارهة قد فضحتنا، ولهذا فلا عجب أن يخرج عليهم الشعب في حضرموت وغير حضرموت، يطالبهم بالكف عن أذيته، بالكف عن تجويعه، بالكف عن إذلاله، بالخروج عن حياته، فقد إستيقن الشعب بان مثل هؤلاء ليس فيهم خير، ولاترجى منهم منفعة.
فمثل هولاء قد وقعوا في الغلول بمفهوم القران الكريم وهو من أعظم الخيانات وفيه قال تعالى؛
﴿وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغلُل يَأتِ بِما غَلَّ يَومَ القِيامَةِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفسٍ ما كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمونَ﴾
والغلول كما ذكرنا الخيانة، فيقال: غل الرجل، يغل إغلالا أو غلولا، إذا خان وفي الآية تنزيه للنبي صلی الله علیه وسلم من الغلول والخیاِنُة فهي تؤكد نزاهة النبي صلى الله عليه وسلم من الخيانة فتقول ما كان لنبي أن يغل، اي ماكان له ان يخون فأقتدوا به ولا تخونوا، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كما يروى عنه إذا غنم مغنما بعث مناديا: ألا لا يغلن رجل مخيطا فما دونه، ألا لا يغلن رجل بعيرا، فيأتي به على ظهره يوم القيامة له رغاء، الا لا يغلن رجل فرسا فيأتي به يوم القيامة له حمحمة،
والأحاديث في الغلول كثيرة، ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أنواعا كثيرة من الاموال التي كان الناس يسعون اليها في زمانه صلى الله عليه وسلم وهي غالباً من المواشي كالإبل والبقر والغنم والخيل بل وذكر معها المال الصامت كالذهب والفضة وقس عليه في زماننا هذا النقود والثروات المنهوبة من تحت الأرض أو من فوقها فكل هذه أموالا صامتة تقابل الناطقة من المواشي أموال ذلك الزمان وهي أكثر ماتنطبق على الاموال العامة في زماننا أموال الشعوب وثرواتهم التي أستباحها المسؤولون والنافذون، فاسألوهم من أين لكم هذه الأموال.
لیعلموا انهم سپأتوا بها يوم القيامة يحملونها على ظهورهم تصيح أنهم أخذوها بغير وجه حق.
إذا أعجبتك فكرة المقال فأنقل هذه الفكرة إلى واحد على الأقل من المسؤولين الذين تستطيع الوصول إليهم.
صلوا على من أمرتم بالصلاة عليه وسلموا تسليما كثيرا..