سنواتٌ طويلة مضت دون لقاء مباشر، لكن خيط التواصل لم ينقطع قط، يلوح بين الحين والآخر عبر رسائل المناسبات واتصالات المحبة والاطمئنان. فقد كان بالنسبة لي أكثر من خال عزيز، كان رمزًا للأصالة، وروحًا نقيّة حملت في ملامحها المعنى الحقيقي للإنسان الصادق والمعلّم الأول.
لا أنسى أبدًا ذلك الموقف الذي ترك أثرًا لا يُمحى في ذاكرتي منذ الطفولة، حين كنت في الصف الخامس الابتدائي بعد انتقالنا من مدرسة “ابن جمال” إلى مدرسة “الميدان” حيث كان يعمل معلمًا. قبيل إعلان نتائج الفصل، أشار إليّ أن أنهض بابتسامته العريضة النقية، وكأنّه يسبق الجميع بمحبته ليعلِن فوزي بالمركز الأول. لحظة امتزج فيها الاعتزاز بالحب، والقرابة بروح المعلم والراعي والداعم.
مضت السنوات، وتفرّقت بنا دروب الحياة وتقلباتها، فكان البُعد أحيانًا حتميًّا، والانكفاء في زوايا الزمن ضرورة… وهكذا هي سنة الحياة، لكن الذكرى لا تبهت، والوفاء لا يذبل.
لم يكن الفقيد الغالي، العميد الشيخ صالح حيدره مشاقم المحوري، مجرد شخصية عابرة في سجل الأيام، بل كان قيمة راسخة، ورمزًا للعمل الطيب والسعي الدؤوب في جبر الخواطر، وإصلاح ذات البين، وخدمة مجتمعه بمحبة وصدق وتجرد. لقد جسّد في حياته معنى الطهر والنقاء الذي لا يصدر إلا عن الرجال الأتقياء الأنقياء الذين أحبّهم الله بمحبة الناس، ولا نزكّي على الله أحدًا.
رحم الله خالي وأستاذي، العميد الشيخ صالح حيدره مشاقم المحوري، رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أولاده وأهله ومحبيه الصبر والسلوان.
“وإنا لله وإنا إليه راجعون”
الأسيف: ولدكم د. عبدالقادر المحوري
- رئيسة الائتلاف الوطني للنساء المستقلات تطلق حملة مناصرة من بروكسل لإطلاق سراح المعتقلين في السجون الحوثية
- من ساحات النضال إلى قاعات السفارات… حين تُختزل القضايا في تذاكر سفر
- بتمويل كويتي.. جمعية الحكمة تواصل تنفيذ مشروع الحملات الطبية المتنقلة في عدن
- بين المحاصصة والتمثيل الواقعي… من يملك الأرض يفرض المعادلة