فارس العدني
شهدت العاصمة المؤقتة عدن خلال الأيام الماضية تحسنًا واضحًا في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، وانخفاضًا تدريجيًا في أسعار السلع، وهي مؤشرات إيجابية استقبلها المواطنون بتفاؤل وحذر، بعد سنوات من الانهيار الاقتصادي المتسارع وفقدان الثقة بأي إجراءات حكومية.
لكن ما يميّز هذا التحسن ليس مجرد نتائجه الاقتصادية، بل المنهجية التي أُنجز بها، حيث تكاملت جهود متعددة داخل الدولة، للمرة الأولى منذ سنوات، لتنتج حالة فريدة من التنسيق.
فقد اجتمعت عوامل مؤثرة عدة:
• الإجراءات المالية الحازمة التي اتخذها محافظ البنك المركزي.
• الدعم السياسي الواضح من رئيس الوزراء وموقفه الحازم تجاه محاربة الفساد.
• تدخل الأجهزة الأمنية بقيادة عيدروس الزبيدي لفرض الانضباط وملاحقة المتلاعبين بالسوق.
• وأخيرًا، الدور الإعلامي المتميز، الذي جسّده الصحفي البارز فتحي بن لزرق، والذي تحرك بمهنية وشجاعة لكشف مكامن الفساد وتحريك المياه الراكدة إعلاميًا وشعبيًا.
إن هذا التكامل بين المالي والسياسي والأمني والإعلامي هو ما أعطى للإجراءات طابعًا جادًا، ورسّخ لدى المواطن شعورًا بأن الدولة – ولو مؤقتًا – استعادت شيئًا من فاعليتها، واستعادت زمام المبادرة في معركة كانت تبدو خاسرة منذ زمن.
فتحي بن لزرق، على وجه التحديد، قدم نموذجًا نادرًا للصحفي الذي يمارس دوره كحارس للمجتمع، لا كناقل للأخبار فقط. لقد كان صوته أعلى من مؤسسات إعلامية رسمية، وموقفه أكثر حزمًا من وزارات بكاملها. وفي الوقت الذي آثرت فيه بعض النخب الصمت أو المجاملة، كان هو يصرخ باسم الشعب، ويكشف شبكات غسيل الأموال ويضع النقاط على الحروف.
هذا النوع من الدور الإعلامي لا يمكن الاستهانة بتأثيره. فهو لا يكتفي بالتوصيف، بل يدفع نحو التحرك، ويكسر جمود المؤسسات، ويمنح المواطن شعورًا بالرقابة والمساءلة.
ورغم أن التحسن في الأوضاع الاقتصادية قد يبدو مؤقتًا، إلا أنه يمثل فرصة حقيقية لتحويل النجاح اللحظي إلى نهج دائم، شرط أن تظل الدولة يقظة، ومؤسساتها متكاملة، وإعلامها حرًا ومهنيًا.
“سيف الحداد” – وإن لم يُعلن رسميًا كعملية – إلا أنه في وجدان الناس، تجسيد لحالة وطنية واجهت فيها الدولة، بكل أدواتها، عدوًا صامتًا اسمه “غسيل الأموال”، ونجحت في كسره، ولو مؤقتًا.