فارس العدني
يعرف الكثيرون سالم بن بريك منذ سنوات عمله الطويلة في قطاع الجمارك، حيث ارتبط اسمه بالهدوء والاحترام والبساطة. هو ليس من أصحاب الكاريزما الطاغية أو القدرات القيادية الخارقة، بل على العكس يوصف غالبًا بأنه أقرب إلى رجل إداري تقليدي، يميل إلى الموازنة بين الآراء وفق النفوذ والمصلحة أكثر من الحسم والمغامرة.
حين تولى رئاسة الحكومة، كان صريحًا مع الشارع ومع النخب السياسية: “هذه الإمكانات المتاحة، ولا أقدر أن أغير شيئًا في واقع الكهرباء أو المرتبات”، في اعتراف واضح بأن التحديات تتجاوز قدرات أي شخصية فردية، مهما كانت موقعها. هذه الصراحة قد تُحسب له، لكنها في الوقت نفسه تكشف حجم الأزمة التي تحاصر الدولة.
المفارقة أن بعض النجاحات التي سجلتها حكومته لم تكن من صنعه المباشر، بل جاءت بفعل الضغوط الأمريكية على ملف الفساد وغسيل الأموال، وهو ما انعكس إيجابًا على استقرار سعر الصرف وتراجع أسعار بعض المواد الغذائية. غير أن هذه النتائج تبقى هشة ومرتبطة بمتغيرات خارجية أكثر من كونها ثمرة سياسة داخلية متينة.
اليوم، يقف سالم بن بريك أمام معادلة معقدة: إما أن يحظى بدعم سياسي ومالي حقيقي يتيح له إدارة ملفات الكهرباء والمرتبات والإصلاح الاقتصادي، أو أن يكون مجرد حلقة جديدة في سلسلة من رؤساء الحكومات الذين لم يتمكنوا من كسر دائرة العجز. ورغم طيبته وبساطته، فإن ميزان النجاح والفشل لن يُقاس بالنوايا، بل بالقدرة على إحداث فارق ملموس في حياة الناس.