فارس العدني
تشهد البلاد اليوم مرحلة مصيرية شديدة التعقيد، سواء من حيث مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية الجارية، أو في مواجهة الكوارث الطبيعية التي ضربت عدداً من المحافظات وألحقت أضراراً جسيمة بالبنية التحتية وممتلكات المواطنين وأرواحهم. وفي مثل هذه اللحظات، يُفترض بالقيادة السياسية أن تكون في قلب المشهد، تمارس واجباتها في المتابعة الميدانية واتخاذ القرارات العاجلة والتواجد بين المواطنين.
غير أن غياب عيدروس الزبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عن الساحة الوطنية في هذه اللحظة الحساسة، يطرح تساؤلات مشروعة حول أولويات المسؤولية وواجبات القيادة. في وقت كان من الأولى به أن يكون حاضراً مع بقية أعضاء المجلس لمواجهة التحديات القائمة.
الأكثر دلالة أن غياب الزبيدي تزامن مع كارثة السيول والأمطار التي اجتاحت عدن وعدداً من المدن اليمنية، وهو ظرف كان يتطلب تلاحماً وطنياً ووجوداً فورياً للقيادات في الداخل، كما جرت العادة في تجارب الدول الأخرى التي يقطع قادتها زياراتهم الخارجية ويعودون فوراً لمتابعة تداعيات الكوارث الطبيعية.
ومع اقتراب موعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بعد منتصف سبتمبر، من المرجح أن يسعى الزبيدي للانضمام إلى الوفد الرسمي برئاسة الدكتور رشاد العليمي، وهو أمر يثير مفارقة واضحة بين الخطاب السياسي المعلن للمجلس الانتقالي وممارساته العملية على الساحة الدولية.
إن مثل هذه التصرفات تعكس حالة من الازدواجية والانفصام السياسي، وتفتح الباب أمام تساؤلات حول جدية الالتزامات الوطنية ومدى انسجامها مع متطلبات المرحلة. وما لم تتغلب روح المسؤولية الوطنية على الحسابات الشخصية والسياسية الضيقة، فإن الخاسر الأكبر سيبقى هو المواطن اليمني الذي ينتظر من قياداته الحضور والعمل الفعلي، لا الغياب والاكتفاء بالشعارات.