المؤتمر الشعبي العام… حزب الزعيم الذي يبحث عن نفسه

فارس العدني

 

منذ تأسيسه، ارتبط المؤتمر الشعبي العام باسم علي عبدالله صالح ارتباطًا عضويًا؛ فهو الذي رعاه، موّل نشاطه، وحافظ على وحدته بتوازنات معقدة جعلت الجميع في جيبه. ومع رحيله، فقد الحزب “الضمانة” التي كانت تحافظ على تماسكه، فانفرط عقده إلى أجنحة ومكونات تتوزع بين الداخل والخارج، ولكل منها أجندة وولاءات مختلفة.

 

اليوم، لم يعد المؤتمر ذلك الحزب الذي كان يملك الدولة ويتحكم بمفاصلها، بل أصبح مجرد يافطة سياسية تُرفع عند الحاجة إلى التمثيل أو المحاصصة أو حتى الابتزاز. أسماء متعددة، قيادات متناحرة، وشعارات بلا مضمون حقيقي، والنتيجة أن الحزب تحول إلى كنتونات صغيرة تبحث كل منها عن مقعد على الطاولة.

 

لكن، هل انتهى المؤتمر؟

الإجابة ليست محسومة. فإمكانية إعادة لملمة شتاته لا تزال قائمة، شريطة أن تتوفر إرادة سياسية حقيقية تتجاوز الحسابات الفردية، وأن تُسند المهمة إلى قيادة تملك النية والقدرة المالية على إعادة تشغيل ماكينة الحزب وتنظيم نشاطه. دعوة عامة لمكوناته وهيئاته قد تكون مدخلًا لبعث الحياة فيه من جديد، لكن دون ذلك ستظل الشعارات مجرد أوراق للاستهلاك السياسي.

 

في المقابل، يلوح في الأفق سيناريو آخر: أن يلقى المؤتمر مصير أحزاب السلطة التي انتهت بسقوط قادتها، مثل الحزب الوطني في مصر بعد مبارك، وحزب البعث في العراق بعد صدام. أحزاب بنيت حول شخص الزعيم لا حول الفكرة أو المؤسسات، ومع غياب الزعيم تبعثرت وانطفأت.

 

المؤتمر الشعبي العام اليوم يقف عند مفترق طرق: إما أن يتحول إلى حزب وطني مؤسسي يعبّر عن قواعده، أو يظل أسير الماضي ويذوب تدريجيًا في صراعات ما بعد صالح. وفي النهاية، يظل السؤال مفتوحًا: هل سيستطيع المؤتمر أن يجد نفسه من جديد، أم يكتفي بأن يكون ذكرى من حقبة انتهت؟