عذرًا يا أكتوبر… لقد خنّا العهد،،

الدكتور: عبدالقادر المحوري

 

عذرًا يا أكتوبر، يا فجرًا وُلد على أكتاف الأبطال، يا حلمًا صاغته دماء الطليعة ونبض القلوب المؤمنة بالحرية… لقد أخطأنا الطريق.

 

ظنّ الثوار أنهم يهبون أبناءهم وطنًا يليق بدمائهم، وطنًا حرًّا من الوصاية، عزيزًا بالكرامة. لكنّ الأبناء خانوا الحلم، وأضاعوا الدرب بين الشعارات والمزايدات. رفعوا رايات الماركسية يومًا باسم العدالة، فكانت عدالةً عرجاء، وحريةً مكبّلة بسلاسل البدائية. رغم نظافة ايديهم وطُهر نواياهم يومها

 

واليوم، يقف الأبناء على أطلال الحلم ذاته، يرفعون شعاراتٍ جديدة، لكنهم يسيرون في الاتجاه نفسه فسادٌ ينهش الجسد، وإقصاءٌ يزرع الكراهية، وجوعٌ يطفئ في العيون نور الأمل.

 

عذرًا يا أكتوبر، فهل نقول عذرًا يا بريطانيا ؟وقد صار شبابنا يقضون أعمارهم في الطرقات والغابات والبحار، بحثًا عن وطنٍ آمن، قبل أن يدركوا وصالك أو يبلغوا شواطئك ونحن كنا بخروجك نحسب أننا نحرّر الوطن، فإذا بنا نراه تتقاذفه أيادي لا تعرف من الحرية سوى اسمها، ومن الكرامة سوى شعارها.

 

ها نحن نعيش بين أنقاض المصافي والمستشفيات والموانئ والمطارات التي ورثناها منكم، نذكرها ونبكيها، لأنها آخر ما تبقّى من زمنٍ كانت فيه عدن مدينةً تليق بالحلم.

 

لا يزال إرث تلك الحقبة قائمًا إلى اليوم، يشهد على مفارقةٍ مريرة. إنجازات صنعها المستعمر تحوّلت إلى رموزٍ يتغنّى بها الثوار بينما هم عاجزون حتى عن صيانتها.

صرنا نحلم اليوم بلقمة العيش، بعد أن كنا نحلم بالحرية والكرامة

 

أيّها الوطن الجريح… لقد أخطأنا حين ظننا أن الثورة تكفي لتشييد الدولة. نسينا أن الحرية لا تكتمل إلا بعدلٍ وضمير، وأن الاستقلال لا يُقاس بخروج جندي، بل بكرامة مواطن.

 

عذرًا يا أكتوبر… لقد خنّا العهد.