أكتوبر في ذكراه ال 62 بين صراع تسلط ومعاناة شعب 

بقلم

 

ياسين مكاوي

 

رئيس مكون الحراك الجنوبي المشارك

 

مستشار رئيس الجمهورية

 

بينما نحاول لملمة شتات أفكارنا اليوم لنحتفل بذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر الـ 62 تتزاحم امامنا صور شتى ترسم ملامح ما يعيشه الشعب اليوم فى هذه المرحلة التى تعد كواحدة من أقسى مراحل تاريخه المعاصر , نعم لقد تحولت تلك الذكريات الوطنية التي كانت يوماً رمزاً للفخر للكرامة والتحرر والتضحيات العظيمة تحولت إلى مجرد شعارات ترفع في المناسبات دون أن تجد طريقها إلى واقع الناس وحياتهم اليومية واحتياجاتهم الأساسية وطموحاتهم التى كانت جسرا للتضحية من اجل الوصول الى ماكان يرجوه المناضلون بكل فئاتهم .

 

كانت ثورة أكتوبر حلماً شعبياً وروحاً جماهيرية انطلقت من ردفان ومُهرت في عدن وتخلقت في الجنوب لتحرير الأرض والإنسان من نير الاستعمار لتعيد تشكيل واقع جديد تسود فيه الهوية الوطنية وتترسخ فيه قيم العدالة والمساواة ذلك هو اكتوبر المجيد وتلك هي الثورة ..

 

لكن بعد عقود من النضال وتجربة سلطة مابعد الاستقلال تلاشت تلك القيم النبيلة وسط صراعات السلطة والنفوذ فذابت المبادئ في دهاليز الأنانية والمصالح الضيقة والتدخلات العدمية …

 

في عدن المدينة التي كانت يوماً منارة مدنية للثقافة والانفتاح ، وبعد كل تلك السنوات نرى اليوم معاناةً مضاعفةً في مدينة أنهكتها الحروب والصراعات والادارات الفاشلة والفاسدة وأرهقها تحكم الدخلاء بغباء في مصيرها حتى صار فيها المواطن يبحث عن أدنى متطلبات العيش ناهيك عن حاجاته الطبيعية في الكهرباء والماء والأمان ، هذا المواطن الذى كان الاجدر به اليوم ان يحتفل بثمار تلك السنوات الطوال من التضحية وذلك الحلم الذى ضحى من اجله الرعيل الأول من شيوخه وشبابه ونساءه من الأباء والأجداد .

 

وللاسف تحوّل اليوم صوت الثورة إلى أنين يومي من الفقر والفساد وانعدام الخدمات.

 

و ما زالت مآسي الحرب والتمزق السياسي تلتهم آمال الناس يوما بعد آخر دون أفق واضح فهاهي عدن ام المدائن والعاصمة كما نتغنى بها ترزح تحت وطأة الظلم والمعانة .

 

كل ذلك يحدث لشعب قدم أغلى التضحيات لينال كرامته لكنه وجد نفسه رهينةً لصراعات قوى تتبدل كل حين دون أفق ومنغمسة في مشاريع وهمية لا تنتهى .

 

نعم لم تتحقق العدالة، ولم تُبنَ الدولة المدنية، ولم تترسخ قيم المواطنة والمساواة.

 

و المؤلم اكثر أن تُرفع رايات الثورة في وقت تُهان فيه أهدافها وأن نتغنى بالحرية فيما لم نصنع مؤسسة واحدة تحميها ونردد شعارات دونما نحقق أهدافها فيما يتعمق الانقسام اليوم اكثر فأكثر .

 

وامام كل هذه المراحل نخاطب الجميع ونقول ألم يئن الأوان لمراجعة صادقة لنعيد الاعتبار للثورة واهدافها وقيمها الاخلاقية والسياسية لا كشعار سياسي بل كمشروع وطني يعيد للإنسان قيمته، وللوطن توازنه وللعدالة معناها.

 

فما جدوى الاحتفال بالثورات إذا ظل الشعب أسير الجوع والظلم وظلت مؤسسات الدولة نهباً ومرتعاً للفساد والمفسدين …تعالوا نحقق ما كنا نحلم به ولو بعد كل هذه السنين لنستعيد الق اكتوبر ونحقق طموحات شعبنا بعيداً عن حالة التسلط والتشظي والتعالي …

 

https://cps-hirak.com/?p=4018