فارس العدني
لم تعد ظاهرة الفساد في اليمن تحتمل المزيد من المساحيق التجميلية التي تُسمّى “إصلاحات”. فقد ترسخ الفساد في بنية الدولة حتى أصبح ظاهرة ممنهجة تتغذى على ضعف المؤسسات وتواطؤ النخب، وتحولت محاولات الإصلاح إلى مجرد معالجة شكلية تُخفي الجرح ولا تلتئمه.
إن الفساد في جوهره ليس قضية إدارية فحسب، بل هو مرض سياسي وأخلاقي يهدد بقاء الدولة ويقوّض ثقة المجتمع في العدالة والنظام. ولا يمكن اجتثاثه إلا من خلال إصلاح جذري حقيقي يقوده وطنيون نزهاء يؤمنون بأن المصلحة العامة فوق كل انتماء حزبي أو مناطقي.
لقد كان أعظم ما فعله النظام السابق، بقيادة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، أنه أفسد العملية السياسية ذاتها، فحوّلها إلى شبكة مصالح ومنافع متبادلة، حتى غدت السياسة وسيلة لحماية الفساد لا لمكافحته.
إن التغيير الحقيقي في اليمن لن يأتي بقرارات فوقية، بل من إرادة وطنية صادقة تعيد بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وتضع حداً لزمن المساومات والفساد المقنّن. فالإصلاح لا يُولد من رحم الفساد، بل من وعيٍ جمعيٍّ يُدرك أن لا مستقبل لوطنٍ يُدار بمنطق الغنيمة.