فارس العدني
في ذاكرة التاريخ، قد تتشابه المواقف وتختلف النوايا، وقد يبدو الخطأ في زمنٍ ما أهونَ من الخيانة في زمنٍ آخر.
ذلك هو الفارق بين علي سالم البيض وعيدروس الزبيدي — بين من أخطأ وهو يحلم بوطنٍ واحد، ومن خان وهو يتاجر بوطنٍ ممزق.
البيض كان رجل دولةٍ يحمل مشروعًا، آمن بأن الوحدة يمكن أن تفتح بابًا لمستقبلٍ جديد، فمدّ يده من موقع الندّ والمسؤولية إلى شطر الوطن الآخر، مؤمنًا بأن الجغرافيا لا تكتمل إلا بالعدل، وأن التاريخ لا يُكتب إلا بالإرادة. لم يكن القرار معصومًا، لكنه كان نابعًا من ضميرٍ وطنيٍّ صادقٍ حاول أن يصنع حلمًا يليق باليمنيين، وإن كان الثمن دولته التي ذهبت مع الريح.
أما الزبيدي، فلم يكن يومًا صاحب مشروعٍ أو رؤية، بل مجرّد تابعٍ أُغري بالضوء، فمشى خلفه حتى أضاع طريقه. خرج من عدن طوعًا، لا قهرًا، وسلّم مفاتيح الجنوب وثرواته وقراره لمن لا يرى فيه سوى ورقةٍ في لعبة النفوذ. رفع شعار الشراكه ، فكانت النتيجة ارتهانًا كاملًا. باع الوهم لشعبه، وتركه يواجه الجوع والفقر وغياب الدولة، بينما هو يتقلّب بين العواصم بجوازٍ مزدوج وولاءٍ منقوص.
الفرق بين الرجلين ليس في الموقع أو الزمان، بل في الجوهر:
البيض أخطأ وهو في موقع القوّة، أراد توحيد وطنٍ فخسر سلطته،
أما الزبيدي فخان من موقع التبعية، أراد أن يحكم الجنوب ففقد كرامته.
في الأولى، كان الخطأ نابعًا من الإيمان،
وفي الثانية، كانت الخيانة نابعةً من الطمع.
ومن المؤلم أن يُعاد المشهد بصورةٍ أكثر قسوة:
فما بين من خرج من صنعاء مرفوع الرأس، ومن خرج إلى أبوظبي مطأطئًا، تتجلى المأساة الجنوبية في أبهى صورها — مأساة وطنٍ يُباع ويُشترى على موائد الآخرين، بينما أبناؤه يتضورون جوعًا وينتظرون معجزة لا تأتي.
التاريخ قد يرحم من أخطأ وهو يحلم، لكنه لا يغفر لمن خان وهو يعلم.
- استعادة شرعية هادي وتمكين رئيس الوزراء… خطوة لإنقاذ الدولة وإعادة ضبط المسار
- من داخل قصر معاشيق.. حكومة صنعاء تغلق 6 مواقع اخبارية تابعة لحكومة عدن.. وتمنع صرف رواتب كوادرها لعام وخمسة أشهر
- المشير الركن عبدربه منصور هادي يعزي اللواء الركن عبدالله علي عليوه في وفاة شقيقه
- منطقة طمحان تشهد حفل تنصيب الشيخ أمين بن سرور بن سويدان شيخًا لقبيلة آل ماضي الهلالية