فارس العدني
تم تمرير وشرعنة قرارات الزبيدي رسميًا كخيار وحيد أمام رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في خطوة بدت أقرب إلى إدارة أزمة منها إلى ممارسة مؤسسية طبيعية. فالرئيس وجد نفسه أمام معادلة ضيقة:
إما القبول بالقرارات بما تحمله من تجاوزات قانونية وإجرائية،
وإما الدخول في صدامٍ مباشر قد تنفجر معه تبعات أكبر تهدد تماسك المجلس ذاته.
هذا القبول جاء خلافًا لموقف عدد من أعضاء مجلس القيادة الذين سجّلوا اعتراضًا واضحًا، وبتجاهل شبه كامل لتوصيات اللجنة القانونية المكلّفة بترتيب الجوانب الدستورية والقانونية لقرارات المجلس.
لكن تلك التوصيات – رغم أهميتها – بقيت في الأدراج.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن:
أين دور المؤسسات؟
ما حدث يؤكد أن المؤسسات الرسمية تحولت إلى “هياكل شكلية” يتم الالتفاف عليها كلما تعارض وجودها مع رغبة طرف نافذ. فالمجلس الرئاسي يمتلك لجانًا قانونية واستشارية، لكن قراراتها لم تُحترم ولم تُعرض للرأي العام، مما يضرب جوهر فكرة الشراكة والتوافق التي قام عليها المجلس.
هل سيظهر رجل شجاع من اللجنة القانونية؟
يبقى الرهان على وجود شخصية قانونية شجاعة داخل اللجنة تُعلن للرأي العام:
• ماهي التوصيات التي قدّمتها اللجنة فعليًا؟
• ولماذا تم تجاهلها؟
• وهل تم الالتزام بمبدأ سيادة القانون أم جرى تجاوزه لضمان تسوية سياسية داخلية؟
حتى اللحظة، الصمت هو سيد الموقف، وهو صمت يُفسَّر بأنه خشية الاصطدام مع القوة التي تفرض الأمر الواقع. لكن هذا الصمت نفسه يتحول إلى مشاركة غير مباشرة في ترسيخ سابقة خطيرة: أن القانون مجرّد رأي يمكن تجاوزه، وأن التوافق يتم بالقوة لا بالمؤسسات.
شرعنة القرارات ليست المشكلة بحد ذاتها، بل تأسيس عرف سياسي جديد يجعل المؤسسات مجرّد شاهد صامت، ويجعل القوانين توصيات غير مُلزمة، ويحوّل اللجنة القانونية إلى ديكور بلا وزن.
وحتى تخرج الحقائق إلى العلن، سيبقى السؤال مفتوحًا:
هل من رجل قانون يملك الجرأة على قول الحقيقة