بين مشروع هادي الاتحادي وانبطاح دعاة الانفصال

فارس العدني

 

في مفارقة مؤلمة ومشهد سياسي مشوه لا يمكن للعقلاء تجاوزه بصمت نشهد اليوم انقلابا كاملا في المواقف والمبادئ ليس على مستوى الشعارات بل على مستوى جوهر المشاريع الوطنية المصيرية فأولئك الذين أساءوا للرئيس عبدربه منصور هادي وشنوا عليه حملات مسعورة متهمينه زورا وبهتانا بأنه يقوض مشروع استعادة الدولة المزعوم وادعوا أن مشروعه الاتحادي يتقاطع مع مشروعهم الانفصالي نراهم اليوم وقد تخلوا حتى عن أوهامهم السابقة ليظهروا كأكثر الناس تمسكا بالوحدة والاندماج طالما بقيت مصالحهم المناطقية النفعية مستمره  

مشروع الرئيس هادي الاتحادي لم يكن نزوة أو رغبة شخصية بل كان استجابة موضوعية لتطلعات اليمنيين بشمالهم وجنوبهم شرقهم وغربهم نحو نظام عادل يكسر المركزية المدمرة ويؤسس لشراكة حقيقية في السلطة والثروة ضمن إطار الدولة الاتحادية لم يكن مشروع هادي تهديدا للجنوب بل كان أقرب ما يكون إلى الضمانة التاريخية لحقوق أبنائه بعد عقود من التهميش والإقصاء لكن دعاة التحرير والاستقلال بدلا من قراءة المشروع بموضوعية آثروا أن يجعلوه شماعة لتصفيات سياسية وتحركات انتهازية رافعين رايات النفير ضده وكأنهم في معركة وجود لا مع دولة بل مع وهم صنعوه لأنفسهم وها هم اليوم ويا لسخرية المشهد يبدون وكأنهم الأكثر اندماجا في مشروعات الوحدة الجديدة لا لشيء سوى لأنهم خلعوا عباءة المشروع الوطني الحقيقي وألبسهم الفاعل الخفي الذي يحركهم كبيادق على رقعة شطرنج ثوبا جديدا لا علاقة له لا بالكرامة ولا بالسيادة ولا بمطالب الشعب المحترمون فيهم إن وجدوا لا يجرؤون اليوم على الكلام وقد آثروا الصمت المخجل أمام الانهيارات الاقتصادية والانفلات الأمني والفساد المستشري وفقدان القرار الوطني وكأنهم يراقبون من وراء زجاج معتم وطنا يغرق وشعبا يسحق وقضية تذبح إن التاريخ لا يرحم والمواقف لا تنسى ومهما علا الضجيج سيبقى مشروع الدولة الاتحادية هو الأكثر عقلانية وعدالة وهو المشروع الذي سيعود إليه الجميع مهما ابتعدوا أو حاولوا الالتفاف عليه لأنه ببساطة المشروع الوحيد القادر على إنقاذ اليمن كل اليمن من عبث الطامعين ووهم المراهقين السياسيين.