*بقلم: علي عشال
في زمن اختلطت فيه المعايير وتبدلت فيه الموازين، يصبح الإنصاف عملة نادرة، ويغدو الصمت عن الخطأ نوعًا من المشاركة فيه. ومن بين الرجال الذين يستحقون وقفة وفاء وتقدير، يبرز اسم العميد أحمد الدوبحي - مدير الأمن السياسي بمطار عدن-الرجل الذي جمع بين رقي الأخلاق واحترام الوظيفة والقيام بحقها، وبين المهنية العالية والإخلاص في أداء الواجب.
ليس الحديث عن العميد الدوبحي مجرد تضامن عابر أو تعاطف لحظة، بل هو تضامن مستحق مع رجل ترك بصمة واضحة في ميادين العمل العام، وبنى حوله جسورًا من الاحترام والمحبة. عرفه الناس نزيهًا في سلوكه، صادقًا في تعامله، مخلصًا لمؤسسات الدولة التي آمن بها ونافح عنها في وجه مشاريع الفوضى والعبث.
لكن المعضلة اليوم أننا نعيش زمنًا يأبى من يتحكم بمقاليد الأمور فيه إلا إقصاء كل من ينتصر للدولة ولمنطق النظام والقانون؛ زمن يكافأ فيه العابث، ويقصى فيه الملتزم.
إن ما يتعرض له العميد الدوبحي ليس حالة فردية، بل هو صورة مصغرة لنهج من التجريف الممنهج لرجال الدولة الصادقين، واستهداف واضح للكفاءات الوطنية، لا سيما من أبناء محافظة أبين الذين قدموا للوطن الكثير، وها هم اليوم يدفعون إلى الهامش بفعل عقلية الاستحواذ والإقصاء.
من المؤلم أن يترك المخلصون وحدهم في مواجهة هذا العبث، بينما نحجم نحن عن الحديث باسم العقلانية أو الخوف من التسييس المناطقي. إن الصمت في مثل هذه اللحظات ليس حيادًا، بل خطيئة ترتكب بحق الحقيقة، وبحق أولئك الذين ما زالوا يؤملون فينا أن ننتصر لمظلوميتهم ونرفع الجور عنهم.
وعلى مجلس القيادة الرئاسي ورئيسه أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة في وقف هذا النزيف الإداري والأخلاقي، وأن يمنعوا العبث الجاري بمؤسسات الدولة ومواقعها؛ فإعادة التوازن تبدأ من إنصاف الرجال الذين حملوا على عاتقهم المسؤولية وأدوا واجبهم في خدمة الدولة على أكمل وجه.
إن حديثي هذا ليس دفاعًا عن العميد أحمد الدوبحي من منطلق شخصي أو مناطقي، بل هو موقف مبدئي إلى جانب العدالة والحق، وإدانة لسياسة الإقصاء التي لا تنتج إلا مزيدًا من الانقسام. فالأوطان لا تبنى إلا بسواعد الشرفاء، والسكوت عن الظلم – أيًا كان مصدره – هو الخيانة الصامتة التي تفتك بالوطن قبل رجاله
*عضو مجلس النواب